معاناة معتقل فلسطيني سابق.. ذاكرة محطّمة وحقوق غائبة في السجون الإسرائيلية
معاناة معتقل فلسطيني سابق.. ذاكرة محطّمة وحقوق غائبة في السجون الإسرائيلية
يسرد المعتقل الفلسطيني السابق شادي أبو سيدو (35 عاماً) تفاصيل احتجازه القاسية في السجون الإسرائيلية، قائلاً إنه فقد الإحساس بالزمان والمكان، ولم يعد يشعر بأن له حقوقاً أو وجوداً إنسانياً.
اعتُقل أبو سيدو، وهو مصوّر صحفي من مدينة غزة، في مارس 2024، بعد خمسة أشهر من اندلاع الحرب الإسرائيلية على القطاع، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، الأحد.
اقتيد إلى معسكر سديه تيمان القريب من الحدود الجنوبية، الذي تحوّل إلى مركز رئيسي لاحتجاز الفلسطينيين خلال الحرب.
يوضح أبو سيدو أنه اعتُقل بموجب قانون “المقاتلين غير الشرعيين”، الذي يسمح للسلطات الإسرائيلية باحتجاز الأفراد لأشهر طويلة دون توجيه تهم أو تمكينهم من المثول أمام القضاء، ما جعله يعيش عزلة تامة عن العالم الخارجي.
“على ركبتيّ طوال اليوم”
يصف أبو سيدو ما عاشه بأنه “تعذيب نفسي متواصل”، إذ كان يُجبر على الجثو على ركبتيه من الخامسة صباحاً حتى الحادية عشرة ليلاً، مقيد اليدين ومعصوب العينين وممنوعاً من الكلام.
ويقول: “بعد مئة يوم من هذا العذاب، اقتادوني للتحقيق فقط ليتأكدوا من هويتي.. كانوا يعذبونني من دون أن يعرفوا من أكون”.
أصيب المعتقل في عينه وأذنه، لكنه عاجز عن تلقي العلاج في غزة بسبب انهيار المنظومة الصحية بعد عامين من الحرب.
ونُقل أبو سيدو لاحقاً إلى سجن عوفر العسكري في الضفة الغربية، حيث واجه ظروفاً وصفها بأنها “تفوق حدود الاحتمال”.
لم تُوجَّه إليه أي تهمة، وكان احتجازه يُمدَّد تلقائياً دون تفسير قانوني، فيما رفض الجيش الإسرائيلي التعليق على قضيته.
يُذكر أن إسرائيل عدّلت في عام 2024 قانون “المقاتلين غير الشرعيين”، فمدّدت فترة الاعتقال من 96 ساعة إلى 45 يوماً قبل عرض المحتجز على أي إجراء إداري، ويمكن تمديد الاحتجاز حتى 180 يوماً دون محاكمة، وقد طالبت منظمة العفو الدولية بإلغاء القانون، معتبرة أنه “يفتح الباب للاعتقال التعسفي للمدنيين الفلسطينيين من غزة”.
غياب الرقابة الإنسانية
منذ أكتوبر 2024، منعت إسرائيل اللجنة الدولية للصليب الأحمر من زيارة المعتقلين المصنَّفين “مقاتلين غير شرعيين”، ما جعل ظروف احتجازهم غامضة بالكامل. وتشير منظمات حقوقية إلى أن نحو ألف معتقل فلسطيني محتجزون في هذا الإطار، بينهم أطباء ومسعفون.
ويقول ناجي عباس من منظمة “أطباء لحقوق الإنسان” إن “المحامي هو الرابط الوحيد لهؤلاء المعتقلين بالعالم الخارجي، لكن حتى هذا الاتصال محدود جداً”.
تكشف قصة شادي أبو سيدو جانباً من الواقع الخفي داخل مراكز الاحتجاز الإسرائيلية خلال الحرب على غزة، حيث يُحتجز الفلسطينيون دون تهم، وتُمحى الحدود بين القانون والعقاب، وبين الإنسان والرقم.
وفي ظل غياب المحاسبة والرقابة الدولية، تبقى هذه الحالات شاهداً على فراغ قانوني وإنساني يطال المعتقلين الفلسطينيين، ويترك جروحاً لا تندمل في الذاكرة الفردية والجماعية على حدّ سواء.










